قنــــــــا

محاضرة بعنوان لمحة تاريحية واثرية عن الجامع العمرى بمدينة اسنا القاها الباحث / محمود عبدالوهاب مدنى فى الندوة التثقيفية التى اقامتها منطقة الاثار الاسلامية والقبطية باسنا وارمنت فى قصر ثقافة اسنا والتى اقيمت يوم الاثنين الموافق 28/12/2015م المسجد العتيق

احجز مساحتك الاعلانية

كتب : عصام النجار 
يعد الجامع العمرى باسنا واحدا من الكثير من المساجد التى أعيد بنائها أو تجديدها في العصر الفاطمى بمصر العليا لترسيخ العقيدة الشيعية وهى الأساس الذى قامت عليه سلطة الفاطميين فقد أمر بعمارة هذا الجامع وتجديده الوزير بدر الجمالى فى عصر الخليفة المستنصر بالله وأطلق عليه مسجد النصر وكان فيما قبل يطلق عليه الجامع العمرى أو الجامع العتيق ثم جامع الخطبة وذلك عندما ذهب القائد بدر الجمالى لمصر العليا ليطارد فلول العصاة من بنى الكنز الذين خرجوا على الخليفة المستنصر بالله وأحدثوا الفتن بالبلاد أثناء الشدة العظمى وبعدها ، وقد استطاع بدر الجمالى القضاء على نفوذ كنز الدولة حاكم الصعيد وقتلة وبهذه المناسبة أمر بتجديد هذا الجامع تخليدا لذكرى انتصاراته ولم يشهد بدر الجمالى عملية إتمام الجامع حيث توجه إلى الدلتا فى شهر رجب من عام 469هـ ، وقد عهد بدر الجمالى إلى القاضى أبى الحسن على بن محمد بن محمد بن النضر بالإشراف على إعادة أعمار الجامع عام 469هـ/ 1077م .
ويروى الأدفوى أن بنى النضر باسنا هم الذين بنو جامع الخطبة (الجامع العتيق) سنة 420هـ /1029م وبنى الزيادة التى فيه على بن محمد وهو منهم سنة 495هـ ، ويستدل من هذا أن الجامع أسس عام 420هـ ، وبدر الجمالى أعاد أعمار الجامع سنة 469هـ .
وفى النصف من شهر الحجة سنة (469هـ/1077م ) جدد الجامع وفى عام (470هـ/1077م) تم عمل سقوفه بإشراف القاضى أبى الحسن على بن النضر ، وكملت منارته سنة ( 474هـ / 1081م ) بأمر الأمير الأجل المنتحب فخر الملك سعد الدولة سارتكين الجيوشى .
ولقد تعرضت البلدان بما فيها المساجد لكثير من أعمال التخريب والدمار أثناء الشدة المستنصرية ، واستطاع بدر الجمالى استعادة السيادة الفاطمية فى إقليم مصر العليا ، وقام بإعادة أعمار للمساجد التى تعرضت للتخريب وعاونه بعض القضاة والأعيان ، وعلى الأخص قاضى القضاة أبالحسن بن النضر، فقام بإعادة أعمار مسجد إسنا عام 469هـ ، ومسجد أسيوط عام 470هـ ، ومساجد أسوان ومنارة سيدى ابوالحجاج عام 472هـ والمسجد العمرى بقوص عام 473هـ/1080م ، ومئذنة جامع إسنا عام 474هـ .
وقد عمل صلاح الدين الايوبى على القضاء على المذهب الشيعى وأحياء المذهب السنى بالقوة وفى هذه الفترة أصيبت كثير من مساجد مصر العليا بأضرار كان من بينها مسجد إسنا ومسجد قوص ، ثم جدد الجامع وبنيت واجهاته وعقوده بالطوب وبنيت أبوابه بالطوب الملون فى شهر رجب سنة 1295هـ / 1874م ، وظل الجامع محتفظا بكيانه المعمارى هذا حتى سجلته مصلحة المساحة على خريطة مدينة إسنا فى 20/8/1927م ،ثم سجلته لجنة حفظ الآثار العربية فى عداد الآثار الإسلامية والقبطية بقرار السيد وزير المعارف رقم 11357 والمنشور فى صحيفة الوقائع المصرية بعددها الصادر بتاريخ 17 ديسمبر سنة 1951م ، إلا أن الجامع قد أزيل وبنى بدلا منة مسجدا أخر فى أكتوبر من عام 1969م .
وقد هدم المسجد تماما فى 15/4/1962م بمعرفة المقاول عباس الصادق احمد وتم تحرير محضر شرطة بمركز شرطة إسنا بتاريخ 5/5/1962م وتخلف عن هدم المسجد لوحتان حجريتان (النصوص التأسيسية للمسجد والمئذنة) كانوا مثبتين على يمين ويسار المحراب و13 عمود جرانيتى تعود للعصر الرومانى كانت تحمل عقود المسجد .
لم يتبقى الآن من الجامع سوى مئذنته التى تقع بالركن الجنوبى الغربى من الجامع وقد جدد الجامع فى عصور متتابعة حتى العصر الحديث بينما بقيت المئذنة على حالها بجميع أجزائها ولوحتين رخاميتين إحداهما نص تجديد للجامع والتى تحمل تاريخ سنة 469هـ/1077م والأخرى نص تجديد المئذنة مؤرخة بعام 474هـ / 81-1082م والتى ربما نقشت على لوح مذبح .
مئذنة المسجد :
اغلب الظن أن هذه المئذنة كانت ضمن سلسلة عديدة الحلقات تصل ما بين حدود مصر الجنوبية ومدينة قوص التى كانت قاعدة والى الصعيد آنذاك ، وقد اختيرت مواقع هذه المآذن بحيث تجعلها صالحة تماما لأداء مهمة مزدوجة ، فكانت تستخدم للآذان للصلاة ، وتقوم بمهمة المراقبة والتحذير بالإشارات عن طريق إشعال النيران ليلا والدخان نهارا ، كما كانت يعاد بنائها من جديد كلما أصابها الخراب أو وهن بنائها .
وتتكون المئذنة من ثلاثة طوابق مبنية من الطوب الآجر الأول منها مربع الشكل يتخلله سبعة عشر حزاما خشبيا ، وقد فتحت بأضلاعها فتحات شبابيك بعضها معقود بعقود مدببة ونصف دائرية ، والأجزاء العليا لأركان هذه القاعدة مقعرة تبرز إلى الخارج كالقرون كما هو الحال فى قباب جبانة أسوان يعلوها دعامة صغيرة مربعة المسقط يعلوها زرانيق على هيئة قبة صغيرة .
ويعلو مربع القاعدة طابق اسطوانى مغطى بطبقة من البياض يرتفع لأعلى بشكل مسلوب وينتهى من أعلى بشرفة خشبية محمولة على كوابيل خشبية يحيط بها سياج من الخشب ، ويتخلل هذا الطابق ثمانية شبابيك لإضاءة السلم الداخلى ، ويعلو الطابق الثانى الطابق الثالث للمأذنة وهو مثمن الشكل جوانبه مقعرة للخارج وأركانه العليا تنحنى للخارج مثل القرون يتخلله ثمانية شبابيك معقودة بعقود نصف مستديرة من الخارج ، ويعلو الطابق الثالث جوسق المئذنة وهو مثمن الشكل بكل من جوانبه نافذة معقودة بعقد منكسر تعلوه قبة نصف كروية .
مزولة المسجد :
يحتوى الجامع العمرى باسنا على مزولة (ساعة شمسية) هى واحدة من ثلاث مزاول توجد فى صعيد مصر وقد ثبتت المزولة على الجدار الجنوبى لقاعدة المئذنة وهى عبارة عن لوحة من الحجر الجيرى المعصرانى طولها 75سم وارتفاعها 67سم وقد حدد عليها وقتين من أوقات النهار أولهما يقع فى الركن الأيمن السفلى لها وهو وقت ساعات ما قبل الزوال وما بعدة تحدده خطوط فى شريطين بأطراف الساعة وذلك لخمس ساعات قبل الزوال وست ساعات بعدة كتبت بالأرقام قبل يسار خط الزوال ويمينه فى شريط خارجى ، والى داخلة شريط أخر تحدد فيه أجزاء الساعة بواقع كل جزء منها يساوى ثلث ساعة بواسطة خطين وعند الساعة محددا وقت العصر .
وينتهى الخط عند الشريط الداخلى بدائرة لزيادة الإيضاح ، والوقت الثانى على اللوحة هى الساعات الباقية للغروب بعد العصر وهى تحدد بواسطة أقواس أعلى يسار لوحة الساعة ولها مؤشر صغير طوله 10 سم وقد كتبت أرقام الساعة عند نهايات الأقواس وتنتهى عند القوس الأعلى بكلمة غروب بخط الثلث الغائر وبنفس الخط كتب فى أعلى اللوحة وأسفلها فى سطرين ما نصه :
منحرفة نج يب جنوبى شرقى العرض كه نج شمالى وهو انحراف سمت القبلة بمدينة إسنا ، من حساب خليل افندى إبراهيم مهندس بالخريطة الفلكية سنة 1287هـ/1871م .

 
صورة ‏محمد حفني حفني الحفناوي‏.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى